
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه} (التوبة: من الآية33) ليظهره، يؤكد بأنها قضية
ستحصل، هي أبلغ من كلمة: كتب الله لكم، هي أقطع، وأكثر تحديداً في الموضوع، {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (الصف: من
الآية9) {وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (الصف: من الآية8) في آية أخرى: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (الصف: من الآية9).
أليست الآية هذه نفسها مما تبعث الأمل في نفوس المسلمين، لكن قد هي نفسية بني إسرائيل يبدو، {كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} معناها
هنا: كتب أن يظهر دينه، هذا كان مما يجب أن يكون محط أمل عند المسلمين، وليعلموا بأنهم سيظهرون فعلاً في هذا
العالم على الأديان كلها؛ لأن ليظهره على الدين كله، وترجع إلى السنة الإلهية في مسألة ظهور الأشياء، أنها هنا في
الأرض مربوطة بالبشر، ليس معنى ظهوره بأنه سيجعل مثلاً مطر من المصاحف ينزل على أمريكا وأوروبا، وتلك الدنيا
كلها، ظهوره، وترجع إلى منطقه هو، منطق هذا الدين، أليس منطقه هنا منطق قيومية، منطق سيادة، منطق واقع يسود،
وليس فقط مجرد كلام، أو مجرد حجة، ليظهره يسود، يكون هو الأعلى بسيادته على الأرض.
القضية هي مرتبطة بالبشر، بالتأكيد هي مرتبطة بالبشر، على حسب ما هو معروف من سنن الله سبحانه وتعالى، يعني هنا
لاحظ في هذه ألم تكن مرتبطة بهم هم؟ {الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} لكن إذا دخلتموها على الطريقة هذه سيحصل، {
قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} (المائدة: من الآية23)
يعني: ما زالت القضية نفسها من الناحية الاستراتيجية ـ التي يسمونها ـ من الناحية التكتيكية العسكرية، أنه أيضاً
القضية بالشكل الذي فيها مؤشرات أنهم سيغلبون، أليست هذه رؤية لديهم، مثلما نقول: بأنه عندما تسمع كلمة فاعرف
بأن التدبير الإلهي يكون مترافقاً معها، يعني: وضعيتهم كانت قابلة من الناحية العسكرية لئن يغلبوا الآخرين، هذان
الشخصان عرفا من الناحية العسكرية: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ}.
أليس المعنى أن الأرض التي كتب الله لهم هي أرض يمكنهم من الناحية العسكرية أن يغلبوا؟ أن يغلبوا أهلها من الناحية
العسكرية، ليس المعنى أنه أرض كتب الله لكم، ثم يجعلها في قمة الشواهق، لا يمكن أن يصلوا إليها، أو مثلاً أهلها في
منعة لا يمكن أن يقهروا، هناك ترتيبات قابلة لئن يظهروا عليهم؛ لكنهم تراجعوا، عندما تراجعوا يتيهون في
الصحراء، ولا يأتي لهم حاجة من الذي قال فيها: {فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ} (البقرة: من الآية58) في آية أخرى: {رَغَداً}،
يحصلون فيها على أشياء كثيرة، يتيهون فلا يحصلون إلا على نوع من الطعام هو غريب عنهم أساساً.
ثم إنه جاء فيهم [فاقة] للخضروات: بصل وعدس، وأشياء من هذه، كان قد عرض عليهم من قبل، ألم يكن قد عرض عليهم من
قبل أن يدخلوا المدينة فيعتزون فيها، ويسكنون، ويأكلون حيث شاءوا رغداً من الفواكه والخضروات.
فعندما يقول: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (التوبة: من الآية33) فلتفهم بأنه تأتي الترتيبات الإلهية بالشكل الذي يرى
واقعاً أنه ممكن يظهر، لا يقول: ليظهره ثم يعمل أمامك صخرة مثل الجبل ملساء، وليس معك ما يمكنك تطلع فوق هذه، ولا
يعطي لك أي وسيلة، هو لا يقدم مستحيل، عندما قال: {لِيُظْهِرَهُ}
اقراء المزيد